Admin Admin
المساهمات : 329 تاريخ التسجيل : 10/01/2010
| موضوع: المملكة فقدت رجل دولة ونصيرا للمساكين ومثقفا من الطراز الأول الخميس نوفمبر 11, 2010 1:40 am | |
| صحيفة الإقتصادية الإلكترونية ....
متابعة: عبد الهادي حبتور ووجدي القرشي
نعى مسؤولون ورجال أعمال وفاة الكاتب المثقف الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام السابق الذي وافته المنية مساء أمس الأول إثر نوبة قلبية مفاجئة لم تمهله طويلاً، حيث توفي مساء الإثنين في المستشفى السعودي الألماني في جدة عن عمر يناهز 72 عاماً.
والدكتور يماني من مواليد مكة المكرمة عام 1359، نال الدكتوراه في الجيولوجيا من إحدى الجامعات الأمريكية، وعمل محاضراً في عدد من الجامعات السعودية ثم مديراً لجامعة الملك عبد العزيز ووزيراً للإعلام من 1395 إلى 1403هـ، وله 35 مؤلفا، بعضها باللغة الإنجليزية، تناول من خلالها مواضيع علمية ودينية وثقافية مختلفة.
مع وزير الإعلام عبدالعزيز خوجة وعبد السلام الفارسي وزير الحج قبل أسبوعين في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة.
وأجمع عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والعمل الخيري في المملكة أن البلاد فقدت أحد رجالاتها المخلصين، والذين أفنوا حياتهم في خدمة الدين والمليك والوطن، وحملوا على عاتقهم نصرة الفقراء واليتامى والمساكين والمستضعفين في الأرض داخل وخارج السعودية.
وتنوعت إسهامات الفقيد الخيرية، التي لا يعرف الكثير منها لأنه يعمل بصمت العظماء، فمن بناء 33 مدرسة تؤوي آلاف الأطفال البرماويين في مكة المكرمة وقيامه بتثبيتها تحت لواء وزارة التربية والتعليم، إلى تفقد مقابر مدينة جدة وتأهيلها وتطويرها، وفقاً للضوابط الشرعية والدينية إبان رئاسته للجنة الدارين التي شكلها الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز- يرحمه الله.
ولم يقتصر تأثير الدكتور يماني- يرحمه الله- محلياً، فقد استعانت به الحكومة البريطانية في كيفية التعامل مع السجناء المسلمين لديها، كما قام بالدعوة في السجون البريطانية، وحفر مئات الآبار، وبناء المدارس في القارة الإفريقية.
جامعة كورنيل
في البداية تحدث عبد الرحمن الرويتع عضو مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق بقوله: "حديثي عن الدكتور محمد عبده يماني- يرحمه الله- يأتي من خلال العلاقة الطويلة التي تواترت معه، حيث تجاورنا لأكثر من 30 عاماً، وذلك منذ تركه للوزارة، حتى تاريخه في مجموعة دله البركة، لا يختلف اثنان على أن المرحوم كان نعم الأب، والأخ، والجار، والصديق، والأمين، خدم الملوك والأمراء، وفي ذات الوقت كان قريباً من الفقراء واليتامى والمساكين، كان العمل الدعوي والخيري يمثل هاجساً كبيراً له، وكان يقضي حاجات الناس، ويسعى في الصلح، وكثير من التاريخ لا يروى لكن أمراء هذه البلاد الكرام يعلمون مساعيه الخيرة في الصلح".
وقال: "كانت ترد الكثير من القضايا والمشكلات التي يرى ولاة الأمر أن تحال إلى الدكتور يماني، كان قريباً من الملوك لكنه كان قريباً من الشارع، دخل جامعة كورنيل إحدى أشهر الجامعات في العالم لكنها لم تدخل رأسه، حرص على القرب من الناس وهمومهم، ومع أنه ارتقى أعلى درجات المجد في الوزارة ونال ثقة الملوك إلا أنه لم يفقد صلته بالشارع، بل كان رجل الدولة ورجل المستضعفين، كان قريبا من نبض الشارع، انهمك في العمل الدعوي الخيري في أقصى نواحي إفريقيا وحفر الآبار وبناء المدارس".
ويلفت الرويتع إلى زاوية مضيئة في تاريخ الفقيد ربما لا يعلمها كثيرون حتى الآن، ويضيف "وصل الدكتور يماني إلى الدعوة في السجون البريطانية، وكان يستشار من الحكومة البريطانية فيما يتعلق برعاية السجناء المسلمين في بريطانيا، هذا البعد الآخر في حياة الدكتور محمد عبده يماني الذي لم يتحدث عنه كثيرون".
وقال: "كان دائم السؤال عن الناس وحاجاتهم، كان عنواناً للوفاء، ولا يمكن لمن جاوره وعاشره إلا أن يرى أمرا مهولا من قضاء حوائج الناس على يديه، أعتقد أن الدولة فقدت اليوم أحد أهم رجالاتها والمجتمع كذلك، المستضعفون فقدوا صديقاً وناصراً لهم ولقضاياهم، أصحاب المظالم فقدوا نصيراً لهم، ونسأل الله أن يعوضهم مثله أو خيراً منه".
وأردف عبد الرحمن الرويتع الذي عاشر الفقيد لأكثر من 30 عاماً: "الدكتور معروف بأمور الشفاعة لدى ولاة الأمر وبعضها فيه غرابة عجيبة جدا لكن العبرة منها أنها أثمرت وحلت إشكالات وأمورا بعيداً عن القضاء، وكان هذا جزءا متمما للعمل المجتمعي العام في المفهوم بين الحاكم والمحكوم، الدكتور كان صاحب فكاهة وصاحب دعابة وسريرة نقية وصاحب تقوى، في كل مرة يقابلني فيها كان يقول لي: يا عبد الرحمن النية مطية إذا أخلصت النية اترك الباقي على الله".
ويتابع: "بصفة عامة، هذا الرجل عندما كان الناس يحلمون بالثانوية ترك جامعة كورنيل، وهي إحدى أشهر الجامعات الأمريكية وعاد إلى بلاده ابن البلد، ابن الحارة، كذلك كان للدكتور إسهام كبير وفعال ويد طولى في التعليم النسائي الجامعي في المملكة ولم يكتب تاريخها بعد، وكانت له إسهامات قوية جداً وجرأة مع ولاة الأمر، وكانت تحمد له، في الشأن الاجتماعي والسياسي، باختصار كان الدكتور يماني كتاباً مفتوحاً للجميع".
محامي المواطنين
في غضون ذلك، يصف صالح التركي رئيس مركز تنمية الأعمال في غرفة جدة الفقيد الدكتور محمد عبده يماني بصاحب القدرات المتفردة، ومحامي المواطنين والمساكين، ويقول "محمد عبده يماني قدراته وشخصيته برزت بعد أن ترك المناصب، كان له دور في الجامعة، وفي الوزارة، لكنه أصبح رمزاً من رموز السعودية، خصوصا مكة المكرمة بعد أن ترك المناصب وفرغ جهده وعلمه لخدمة المجتمع، والقضايا الشخصية والاجتماعية".
وأضاف التركي: "أصبح الدكتور يماني محامي المواطنين، فهو مهتم بكل قضايا المجتمع، واستخدم وجاهته وعلاقاته لخدمة المجتمع، إلى جانب أنه متبحر في الدين، ومهتم بقضايا المسلمين عموماً، ولا أدل من ذلك ما قام به من أجل االبرماويين".
وعن أبرز المحطات التي جمعته بالفقيد، قال التركي "عملت معه وتحت توجيهاته، في أي عمل اجتماعي يتدخل بالنصح والتوجيه أو المشاركة، هناك عديد من قضايا الأفراد اتجهت له لحلها، وهو متواصل في كل القضايا".
وعن اختياره رئيسا لمركز المسؤولية الاجتماعية في غرفة جدة قبل فترة وجيزة، أوضح التركي أن الفكرة من اختياره كانت موفقة كونه رمزا اجتماعيا كبيرا، وتابع: "كان الأمل أن نستفيد من علاقاته وقدرته على العطاء والتزاماته في تطوير مفهوم المسؤولية الاجتماعية".
المربي الفاضل
من جانبه، يوضح الدكتور واصف كابلي رئيس مجلس إدارة مركز أمل جدة للمعوقين ـأن الدكتور يماني كان يمثل الأب، والأخ، والصديق، ويتعامل مع الناس بهذا المنظور مع الجميع، وأضاف "ليس له مثيل في الرجال، رجل والرجال قليل، صدوق مع الناس لا تشعر بأنه مرة كذب عليك، الكذب ليس في قاموسه، يساعد الناس، من يعرفه ومن لا يعرفه، يقوم معك بنفسه إذا احتاج الأمر لأي غرض، خدم المجتمع، لا يوجد بيت في الغربية خاصة إلا وله فضل عليه من جميع النواحي، أقلهم يحضر له مناسبة كبيرة أو صغيرة، ويجيب الدعوة دائماً، خصاله جميلة، وأستاذ مرب فاضل يجب أن نقتدي به، ويجب أن يخلد اسمه للأجيال المقبلة في شيء عظيم، كرسي في الجامعة، ومركز كبير يخلد اسمه ليكون قدوة للرجال".
وتابع كابلي: "الدكتور يماني كان جبلا من الجبال التي كان الإنسان يأوي إليها وقت الشدائد، ونتمنى أن يكون هناك أمثاله ويقتدوا بما عمله الدكتور، رجل أحب الله ورسوله، وكتب عن الرسول- صلى الله عليه وسلم-، ومات في أيام فاضلة، وهناك كثير من الأعمال الخيرية التي قام بها داخل وخارج البلاد، فمثلاً في مركز الأمل للمعوقين الذي أشرف عليه كان في كل عام يحرص على زيارته ومعايدة الأولاد وإعطائهم العيدية، ولا ينساهم إطلاقاً، يشتري الملابس لهم، لا يمكن وصف الأعمال التي كان يقوم بها، كذلك في مدينتي رابغ وبدر عمل مراكز تعليمية، وأنا بنفسي كنت أرافقه، يدرس فيها الأولاد وورش للتدريب والتعليم ومن ثم التوظيف".
مدارس البرماويين
إلى ذلك، استهل المهندس عبد العزيز حنفي رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيري لتحفيظ القرآن الكريم في جدة بقوله: "إنا لله وإنا إليه راجعون، خسرنا رائداً من رواد العمل الاقتصادي والعمل الخيري، وكان أحد أبناء مكة البارين، من خلال ترؤسه عددا من مجالس إدارات الشركات، خاصة الخارجية مثل الزراعية وغيرها، كان له دور كبير ومؤثر، ولا ننسى أنه كان وجها اجتماعيا وإعلاميا حتى بعد تركه الوزارة ما زال يتمتع بنفس التأثير في المجتمع، وتواصله مع الناس بشكل دائم".
وأضاف: "كما أنه رجل مثقف له عديد من الكتب فقد أثرى المكتبة الإسلامية والمكتبة العلمية، وله كتب في الجيولوجيا وعلم الأرض، وبعض الرحلات التي قام بها إلى إفريقيا وغيرها، كل ذلك يجعل منه رجلا من الرجال القلائل الذين كانت لهم بصمات في العمل الخيري، التجاري، الثقافي، كذلك له برنامج في قناة اقرأ أسبوعي في المجال الدعوي، وهو داعية من الطراز الأول ومحبوب في كثير من الدول التي كان يذهب إليها".
ويشير حنفي إلى أن الدكتور يماني قام بأعمال يتجاوز تأثيرها المكان والزمان، لافتاً إلى أنه استطاع لم شتات آلاف الأطفال في مكة المكرمة من الشوارع، وتوفير المدارس النظامية لهم، وضمان مستقبل مشرق لهم، وأردف: "عاصرته في موضوع البرماويين، كنت أتابع الأمر بجهدي، بينما كان الدكتور يتابع بجهده وماله وكان أحد المحطات الرئيسية في حياة الدكتور وله بصمة قوية، حيث استطاع إعداد مدارس للبرماويين في مكة نحو 33 مدرسة، وعمل على ضمها تحت إشراف وزارة التربية والتعليم بحيث تكون نظامية، فأصبحوا يتعلمون ويحصلون على الشهادات، والوزارة تعهدت بتوفير الكتب والأدوات والمدرسين لهم، لقد استطاع لم شتات الآلاف من الأطفال من الشوارع وأمن لهم حياة كريمة ومستقبلا تعليميا مستقرا".
شخصية نادرة
بدوره، قال مازن بترجي نائب رئيس غرفة جدة إن الدكتور يماني كان أحد أعمدة العمل الخيري والاجتماعي في المملكة، وهو شخصية نادرة قلما تتكرر، وأضاف "لقد وضع الدكتور كل جهده وماله ووقته في خدمة الآخرين، لا يتوانى إطلاقاً عن المساعدة وتقديم النصح والإرشاد لمن يحتاجه، ورغم حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقه، وافق أخيراً على ترؤس مركز المسؤولية الاجتماعية في الغرفة التجارية، وقد كنا نعول كثيرا من خبرة الدكتور- يرحمه الله- في دعم وجذب رجال الأعمال نحو مسؤوليتهم الاجتماعية".
يارب أغفر له وأرحمه وأكرم نزله ووسع مدخله اللهم باعد بين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب
ونقه من الذنوب والخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأغسله بالماء والثلج والبرد
وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن النار
أدعو للفقيد رحمه الله فقد قدم لبلده وللإسلام الكثير ....
| |
|